
جيل “زد 212” يهز الشارع المغربي… ولو موند: الحكومة على المحك
الرباط: إستثمار
منذ أيام متواصلة، تشهد عدة مدن مغربية موجة احتجاجات غير مسبوقة تقودها حركة شبابية جديدة تُعرف باسم جيل زد 212. هذه الحركة، التي انطلقت عبر منصات رقمية، استطاعت أن تُخرج آلاف الشباب إلى الشوارع رافعين شعارات تطالب بالحق في الصحة والتعليم والعيش الكريم.
جريدة لو موند الفرنسية خصصت في عددها ليوم الثلاثاء تقريراً مطولاً حول هذه التعبئة غير المسبوقة، معتبرة أنها تمثل أكبر اختبار سياسي يواجه حكومة عزيز أخنوش منذ تنصيبها. الصحيفة لفتت الانتباه إلى أن الحركة اعتمدت على أساليب تنظيم مبتكرة عبر الإنترنت، دون قيادات تقليدية أو انتماء حزبي، وهو ما منحها قدرة على الانتشار ومصداقية لدى الشباب، لكنه في المقابل يصعّب مهمة الحوار مع السلطات.
ورغم أن المطالب الاجتماعية واضحة وتركز أساساً على الخدمات الصحية والتعليمية، إلا أن بعض المسيرات لم تسلم من انزلاقات خطيرة؛ أعمال شغب، رشق بالحجارة، وتخريب للممتلكات، وهو ما يهدد بتحويل الاحتجاج من قوة ضغط سلمية إلى مصدر توتر أمني يفقدها مشروعيتها.
لو موند قارنت بين حركة جيل زد 212 وتجارب دولية أخرى في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، حيث نجحت الحركات الشبابية في قلب موازين سياسية أو فرض إصلاحات كبرى. الصحيفة تساءلت: هل ينجح شباب المغرب في تحويل غضبهم إلى تغيير حقيقي، أم أن العنف والانفلات قد يجهضان هذه الدينامية؟
في الداخل، بدت مواقف الحكومة مترددة. فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والإسكان وسياسة المدينة، اعترفت قبل أيام بأن الحكومة “لم تنجح في بعض المحطات” خاصة في قطاع الصحة، وهو اعتراف يعكس حجم الهوة بين الخطاب الرسمي وما يعيشه المواطن يومياً. غير أن الاعتراف وحده لا يكفي؛ فالمطلوب إصلاحات ملموسة وحوار صريح مع الشباب، بعيداً عن لغة التبرير أو المعالجة الأمنية وحدها.
الواقع أن المغرب يوجد اليوم أمام لحظة مفصلية: إما أن تُستثمر هذه التعبئة الشبابية كفرصة لإعادة الثقة بين المواطن والدولة، أو أن يُتعامل معها كتهديد أمني قد يقود إلى مزيد من الاحتقان والقطيعة. فالتاريخ يعلمنا أن الفوضى لا تبني إصلاحاً، لكن في المقابل، تجاهل أصوات الشباب قد يكون أخطر من أي احتجاج في الشارع.
الرسالة واضحة: جيل “زد” لا يبحث عن مواجهة، بل عن كرامة وخدمات أساسية. والكرة الآن في ملعب الحكومة: إما أن تنصت وتتحرك، أو أن تخاطر بفقدان ما تبقى من رصيد الثقة.





