بين ردهات العدالة المغربية: برنامج تكويني طموح لسد الفجوة في معركة مكافحة الجرائم المالية

الرباط: ريم بنكرة

انطلقت في الرباط دورة تكوينية موسعة تستهدف تعزيز قدرات الكوادر القضائية والأمنية الموكل إليها مكافحة الجرائم المالية، في مبادرة تهدف إلى سد ثغرات عملية تشخيصها المسؤولون. يأتي هذا البرنامج، الذي تنظمه رئاسة النيابة العامة بالشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، كاستجابة مباشرة لخلل تم رصده على مستوى تدبير الملفات المعقدة، وترجمة لتوجيهات ملكية سامية بخصوص تأهيل قطاع العدالة.

لا تقتصر أهداف هذه الدورات على التعريف بمفهوم الجرائم المالية وحسب، بل تتعداها إلى بناء قدرات المشاركين على التمييز بين المخالفات الإدارية والأفعال الإجرامية، وتعزيز مداركهم في الشقوق المالية والمحاسبية، وإتقان تقنيات التتبع الرقمي وتحليل البيانات المالية المعقدة. كما ستركز على دراسة نماذج عالمية ناجحة وفهم القواعد القانونية الوطنية والدولية، مع تعزيز آليات التعاون القضائي الدولي لمعالجة القضايا ذات العنصر الأجنبي.

في هذا الصدد، أكد الوكيل العام للملك، هشام البلاوي، أن آثار الجرائم الموجهة ضد المال العام تمتد لتقوض أسس التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي، مبرزاً أن هذه الجرائم تتطلب فهماً عميقاً للأنظمة المالية وإتقاناً لتقنيات التتبع الرقمي. وأشار إلى أن البرنامج التكويني المتكامل يتضمن ثلاث حلقات تمتد على مدى ثلاثة أشهر، كما يجري الإعداد لبرنامج تكوين آخر خاص سنة 2026.

من ناحيته، ربط الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، منير المنتصر بالله، بين هذه المبادرة وورش تخليق منظومة العدالة، معتبراً إياها أولوية استراتيجية لا تنفصل عن مكافحة الفساد. وأوضح أن هذا الالتزام تجسد سابقاً من خلال إصدار مدونة الأخلاقيات القضائية وتفعيل مسطرة التصريح بالممتلكات.

كما حظي البرنامج بدعم قوي من المؤسسات الأمنية، حيث أبرش محمد الدخيسي، مدير الشرطة القضائية بالأمن الوطني، أن محاربة الفساد المالي تشكل أولوية استراتيجية منذ أكثر من عقد، معتبراً أن التكوين المستمر حجر الزاوية في تطوير الأداء المهني. من جهته، ذكر محسن بوخبزة، ممثلاً عن الدرك الملكي، أن تعزيز التنسيق بين المتدخلين يشكل خطوة أساسية لمواجهة التحديات الجديدة المتعلقة باستغلال التكنولوجيا في الجرائم المالية العابرة للحدود.

يشارك في تأطير هذه الدورات خبراء دوليون ووطنيون يمثلون مؤسسات رقابية وقضائية رفيعة المستوى، في خطوة تهدف إلى بناء جدار منيع في وجه جرائم تستهدف المال العام وتعرقل مسارات التنمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى