
هل تتفكك حكومة أخنوش من الداخل؟ الأغلبية ترفع راية العصيان وتتحول إلى “معارضة ناعمة”!
الرباط: إدريس بنمسعود
في مشهد سياسي غير مألوف داخل قبة البرلمان، بدت الأغلبية الحكومية التي تشكل العمود الفقري لحكومة عزيز أخنوش وكأنها ترتدي عباءة المعارضة، بعد أن وجه نوابها وابلاً من الانتقادات اللاذعة إلى وزراء الحكومة خلال أول جلسة للأسئلة الشفهية في الدورة التشريعية الأخيرة من عمر الولاية الحالية.
هذه الجلسة الساخنة فتحت الباب أمام تساؤلات عريضة: هل نحن أمام تصدع مبكر داخل التحالف الحكومي الثلاثي؟ أم أن المغرب مقبل على انتخابات سابقة لأوانها؟
اللقطة الأبرز جاءت من وزير العدل والأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف وهبي، الذي لم يُخفِ دهشته من حدة الأسئلة الموجهة من برلمانيين محسوبين على الأغلبية، حين قال بلهجة لا تخلو من السخرية: “يبدو أني الوحيد الذي بقي في الأغلبية… الكل أصبح في المعارضة!”
ورغم هذا التوتر، سعى رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة، أحمد التويزي، إلى تبديد المخاوف من انهيار التحالف الحكومي، مؤكداً أن “النقد لا يعني الانفصال”، وأن الأغلبية ما تزال متمسكة بميثاقها السياسي الذي ينظم العلاقة بين مكوناتها. وأضاف: “قرار المشاركة في الحكومة اتُخذ بموافقة المجالس الوطنية للأحزاب، وأي انسحاب لا يمكن أن يتم إلا بالعودة إليها”.
وأوضح التويزي أن انتقاد الوزراء من داخل الأغلبية يدخل في صميم العمل البرلماني، قائلاً: “دور النائب ليس التصفيق، بل الرقابة والمساءلة. الأغلبية لن تصمت أمام الاختلالات، وستواصل تقديم بدائل واقعية”.
كما شدد على أن الحكومة “جهاز تنفيذي تحت رقابة البرلمان”، داعياً إلى ترسيخ ثقافة المحاسبة داخل التحالف الحكومي نفسه، بدل الاكتفاء بالولاء السياسي.
ورغم محاولات التهدئة، فإن نبرة الغضب داخل صفوف الأغلبية تعكس شرخاً سياسياً بدأ يتسع بصمت، خاصة مع اقتراب محطة قانون المالية التي ستشكل اختباراً حقيقياً لتماسك الحكومة، ومدى قدرتها على الاستجابة لمطالب الشباب والطبقات الوسطى، ومعالجة ملفات التعليم والصحة والبطالة والفساد.
ومع تصاعد هذه المؤشرات، يبدو أن التحالف الثلاثي بين التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال يعيش مرحلة إعادة تموقع داخلية، قد تكون بداية انفجار صامت… أو مقدمة لتعديل سياسي عميق قبل نهاية الولاية.





