تندرارة… سباق الغاز الكبير الذي يغيّر خريطة الطاقة بالمغرب قبل نهاية 2025

الرباط: ريم بنكرة

يشهد حقل تندرارة للغاز الطبيعي بشرق المغرب دينامية غير مسبوقة مع دخول نونبر 2025، حيث تتسارع وتيرة الأشغال بشكل لافت استعداداً لإطلاق الإنتاج التجاري قبل نهاية السنة. المشروع، الذي تقوده شركة Sound Energy البريطانية بشراكة مع مجموعة مناجم، أصبح اليوم أحد أبرز رهانات المغرب لتعزيز أمنه الطاقي وتقليص ارتهانه للواردات الخارجية.

وأكدت الشركة البريطانية أن إنجاز خزان الغاز الطبيعي المسال بلغ مراحله الأخيرة، ما يفتح الباب أمام تشغيل أول وحدة تسييل بطاقة تناهز 10 ملايين قدم مكعب يومياً. ومن المنتظر أن تبدأ التجارب التشغيلية في الأسابيع المقبلة، على أن يتم الشروع في الإنتاج التجاري قبل نهاية 2025.

ولا تقف طموحات الشركة عند هذا الحد؛ إذ تخطط لرفع الإنتاج تدريجياً إلى 40 مليون قدم مكعب يومياً مع التوجه نحو استكشاف آبار جديدة. بالتوازي، تخضع دراسة الهندسة الأمامية (FEED) للتحديث من أجل تمكين ربط الحقل مستقبلاً بالأنبوب المغاربي-الأوروبي، في أفق توقيع العقود النهائية قبل نهاية 2026. وسيشكل هذا الربط نقلة نوعية، لأنه سيسمح بتوسيع استخدام الغاز المحلي وتوجيه جزء من الإنتاج نحو التصدير، تعزيزاً لدور المغرب كلاعب طاقي صاعد.

على مستوى التسويق الداخلي، وقّعت Sound Energy اتفاقية تمتد لــ10 سنوات مع شركة أفريقيا غاز التابعة لمجموعة “أكوا”، لضمان تسويق الإنتاج داخل المملكة بشكل مستقر ومنتظم. كما أطلقت الشركة شراكة بحثية مع GITEC لدراسة إمكانات الهيدروجين الطبيعي والهيليوم، ما يعكس توجهاً جديداً نحو توسيع آفاق الطاقة النظيفة في المنطقة.

ويُعد حقل تندرارة أكبر اكتشاف غاز بري بالمغرب، باحتياطيات تقدّر بـ 10.67 مليار متر مكعب، وهو ما يجعله ركيزة أساسية في مسار البلاد نحو تحقيق استقلال طاقي أكبر، خاصة مع ارتفاع الطلب المحلي من محطات توليد الكهرباء والصناعات الكبرى.

اقتصادياً، يمكن أن يشكل تندرارة رافعة قوية لتعزيز تنافسية المغرب وجاذبيته الاستثمارية في قطاع الطاقة. غير أن ربط الحقل بالأنبوب المغاربي-الأوروبي ما يزال يمثل تحدياً تقنياً ومالياً، إضافة إلى الحاجة لضخ استثمارات إضافية في مرحلة التوسعة وحفر الآبار الجديدة، مع مراعاة المعايير البيئية ومتطلبات السوق الداخلية.

ختاماً، يبدو أن تندرارة يتجه ليكون أحد أهم الإنجازات الطاقية في تاريخ المغرب الحديث؛ مشروع سيؤمّن جزءاً مهماً من حاجيات البلاد من الغاز، ويمنحها موقعاً أقوى في سوق الطاقة الإقليمية، ودفعة حقيقية نحو انتقال طاقي مستدام وفعّال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى