بين الخطاب والواقع.. الأحرار يثمنون المنجزات وسط تصاعد الأسئلة حول الحصيلة والبدائل

الرباط: إستثمار

في اجتماع جديد حمل نَفَسَ التقييم الذاتي والرسائل السياسية، عقد المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، يوم الإثنين 3 نونبر 2025 بالرباط، لقاءً ترأسه رئيس الحزب عزيز أخنوش، خصّص لتدارس مستجدات الساحة الوطنية والدولية، ومناقشة القضايا التنظيمية والبرلمانية والاقتصادية الراهنة.

غير أن البيان الصادر عن الاجتماع، وإن حمل نبرة الثقة والثناء على “المسار الحكومي”، فقد أعاد إلى الواجهة النقاش حول مدى توازن الخطاب السياسي للحزب بين منطق التزكية الدائمة لأداء الحكومة والقدرة على تقديم قراءة نقدية موضوعية لحصيلة التدبير العمومي.

من جهة أولى، نوّه المكتب السياسي بما وصفه بـ”القرار التاريخي” لمجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء المغربية، معتبراً إياه تتويجاً لمسار دبلوماسي يقوده جلالة الملك محمد السادس منذ ربع قرن.

أما في الشق الاقتصادي، فقد حرص الحزب على الإشادة بمضامين مشروع قانون المالية لسنة 2026، واعتبره تجسيداً لالتزام الحكومة بالتوجيهات الملكية وترسيخاً للتوجه الاجتماعي. غير أن هذا الخطاب التثمينـي يطرح تساؤلات جدّية حول مدى قدرة الحكومة على ترجمة هذا الالتزام إلى نتائج ملموسة في مجالات الشغل والتعليم والصحة، خاصة في ظل استمرار مظاهر الاحتقان الاجتماعي وتراجع القدرة الشرائية، رغم الوعود المتكررة بالإصلاح.

وفي السياق ذاته، عبّر المكتب السياسي عن دعمه للنقاش المؤسساتي حول القوانين التنظيمية المؤطرة للانتخابات، مبرزاً أهمية التشاور بين الفاعلين السياسيين. إلا أن هذا الموقف، على وجاهته الشكلية، لا يخفي حقيقة أن المشهد الحزبي ما زال يعاني ضعفاً في تجديد النخب وتوسيع قاعدة المشاركة، وهو ما يجعل النقاش حول تطوير المنظومة الانتخابية محصوراً في بعده التقني دون ملامسة جوهر الممارسة الديمقراطية.

أما على المستوى البرلماني، فقد أشاد الحزب بانخراط نوابه في مناقشة قانون المالية وتقديم مقترحات “واقعية ومبتكرة”. غير أن الملاحَظ هو استمرار الطابع الانضباطي للبرلمانيين داخل الأغلبية الحكومية، مما يحدّ من استقلالية المبادرة التشريعية ويجعل النقاش البرلماني امتداداً لخطاب الحكومة أكثر من كونه فضاءً للتقويم والمساءلة.

وفي الجانب التنظيمي، أشار البيان إلى نجاح محطة “مسار الإنجازات” بجهة بني ملال خنيفرة، مع التأكيد على مواصلة الجولات التواصلية في باقي الجهات. ورغم أهمية هذه الدينامية من حيث القرب من المواطنين، فإنها لا تزال تطرح سؤال التحول من الحملات التواصلية إلى آليات فعلية للمحاسبة السياسية وربط الخطاب الميداني بمشاريع واقعية تستجيب لتطلعات الساكنة.

في المحصلة، يعكس بيان المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار إصرار الحزب على الدفاع عن حصيلة حكومته وعن الدور الريادي للمؤسسة الملكية في مختلف الملفات، غير أنه في الآن نفسه، يسلّط الضوء على غياب الحس النقدي الذاتي الضروري لتجديد الثقة السياسية، ويكشف أن التحدي الأكبر أمام الحزب اليوم لا يتمثل في ترديد خطاب الإنجاز، بل في الانتقال من التبرير إلى التقييم، ومن الدفاع إلى الإبداع السياسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى