كورنيش الرباط يتألق… وكورنيش سلا يتحول إلى أطلال: مفارقة مؤلمة بين ضفّتي نهر أبي رقراق

الرباط: إدريس بنمسعود

رغم أن نهر أبي رقراق يجمع بين الرباط وسلا، فإن الواقع الميداني يرسم صورة مختلفة تمامًا، تعكس مفارقة صارخة بين ما تعيشه الضفتان. ففي الوقت الذي يشهد فيه كورنيش الرباط تحوّلًا حضريًا لافتًا، جعله فضاءً حيويًا مفعمًا بالحياة ومتنفسًا حقيقيًا لساكنة العاصمة، يرزح كورنيش سلا على الجهة المقابلة تحت وطأة الإهمال والتهميش.

كورنيش الرباط، بعد أن خضع لتهيئة شاملة في السنوات الأخيرة، أصبح وجهة مفضلة للعائلات والأطفال، بممراته النظيفة، وأرصفته المهيأة، ومساحاته الخضراء التي تزين محيطه. كل شيء فيه يدعو للراحة والاستجمام، ويجسّد رؤية تنموية تراعي حاجيات الإنسان والمجتمع.

في المقابل، تبدو الصورة قاتمة في كورنيش سلا، الذي استفاد بدوره من أشغال تهيئة في وقت سابق، لكنه سرعان ما تحول إلى فضاء مهجور يفتقر لأبسط شروط الراحة والسلامة. الأرصفة متآكلة، الإنارة غائبة، والتجهيزات مدمّرة، في مشهد يؤلم ساكنة سلا التي يفوق عددها المليون نسمة، والتي تجد نفسها مضطرة لقضاء أوقات فراغها في ظروف أقل ما يقال عنها إنها “مزرية” وغير لائقة بمستوى المدينة وتاريخها.

هذه المفارقة لم تعد مجرد ملاحظة عابرة، بل أصبحت عنوانًا لفجوة تنموية واضحة تتطلب تدخلًا عاجلًا من المسؤولين المحليين على مستوى سلا، وأيضًا من مؤسسة الرباط-سلا-التمسية التي تدير مشاريع التنمية الحضرية على ضفتي النهر. المطلوب ليس فقط إعادة الاعتبار لكورنيش سلا، بل ردّ الاعتبار للكرامة الحضرية لساكنة مدينة لطالما كانت حاضرة في وجدان التاريخ المغربي.

إنه نداء إلى العدالة المجالية، وإلى إنصاف سلا عبر تهيئة كورنيشها، وجعله امتدادًا طبيعيًا لنهضة عمرانية تشهدها الضفة المقابلة. فكما يلتقي ماء النهر في نقطة واحدة، يجب أن تلتقي إرادة التنمية في رؤية متكاملة لا تفرق بين المدن، بل تدمجها في مشروع حضاري مشترك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى