هل تستغل الجماعات نظام الاستشارة لإقصاء شركات ومقاولات من المشاركة في الصفقات؟

الرباط: هبري عبد الرحيم
يخضع إبرام الصفقات العمومية المعلن عنها من قبل الجماعات الترابية، لعدد من المبادئ منصوص عليها في قوانينها التنظيمية ومرسوم 2.13.349 الصادر في 20 مارس2013 المتعلق بالصفقات العمومية، نظير حرية الولوج الى الطلبية العمومية، والمساواة في التعامل مع المتنافسين، والشفافية في اختيار صاحب المشروع، ومن شان احترام هذه المبادئ تمكين صاحب المشروع أي رئيس الجماعة الترابية من اختيار العرض الأفضل اقتصاديا، ولكن تفعيل المبادئ المذكورة يستلزم احترام كل الإجراءات التي تضمنها مرسوم الصفقات.
غير أنه ما يلاحظ عمليا لدى بعض رؤساء الجماعات الترابية بتعاون مع بعض  مكاتب الدراسات، ومن يدور في فلكهم من بعض الأُطر الإدارية والتقنية، هو الاجتهاد والبحث عن كل الوسائل والحيل من اجل ضرب كل هذه المبادئ عرض الحائط، فيعمدون خلال الإعلان عن صفقة ما  على وضع نظام استشارة على المقاس لفائدة  مقاولة على حساب مقاولات أخرى.
ويكفي الاطلاع على عدد من الصفقات العمومية وما تتضمنه أنظمة الاستشارة المرفقة بها لمعرفة لمن الكسوة تتم خياطتها ولمن الصفقة موجهة بنِسَب معينة، ويتضح ذلك حين يتم فرض شروطا بالملف التقني  مبالغ فيها، مثل الإدلاء بشهادات تسلمها المؤسسات العامة آو الخاصة التي أنجز لها المتنافس الأعمال لفائدتهم، وتبين طبيعة الأشغال وتاريخ إنجازها ومبالغها، وفي غالب الأحيان تكون مبالغ تساوي أو تفوق قيمة الصفقة المعلن عنها، ويكون عددها على الأقل ثلاثة شهادات  وفي ظرف زمني وجيز، كل ذلك يكون تحت طائلة إقصاء كل شركة آو مقاولة من المنافسة في حالة عدم الإدلاء  بالمطلوب.
وحتى في الحالة التي ينجح احدهم في تجاوز هذه المرحلة فسيجد حاجزا آخر يصعب تجاوزه، وهو العرض التقني، حيث في غالب الأحيان يطلب من الشركات المنافسة على الصفقة في نظام الاستشارة، تقديم عرض تقني تبررها الطبيعة الخاصة للأشغال المراد إنجازها، نظرا للوسائل التي يتعين استعمالها لإنجازها أو لتعقد هذه الأشغال، ويتم تقييم العرض التقني من طرف لجنة طلب العروض ويجوز لها تشكيل لجنة فرعية لتحليل العروض التقنية، وتأخذ مقاييس تقييم عروض المتنافسين بالنسبة لصفقات الأشغال مثلا الموارد البشرية والوسائل والمعدات المسخرة للورش، مناهج وطرق الإنجاز، جدول الإنجاز الخ …
والحال يجب ألا يتضمن العرض التقني الذي يطلبه صاحب المشروع من المتنافسين إلا العناصر التي لها صلة بتنفيذ العمل موضوع الصفقة، وبحسب المرسوم المتعلق بالصفقات، وإلا يتضمن إلا الوثائق المتعلقة بهذا العمل وما يلاحظ أن هناك أنظمة استشارة في عدد من الصفقات التي أعلنت عنها  عدد من الجماعات الترابية، يتم فيها إدراج ضمن العرض التقني الشواهد المسلمة من طرف المؤسسات العامة آو الخاصة، الذين تم تحت أشرافهم إنجاز الأعمال وهذا يخالف المادة 28 من مرسوم الصفقات المذكور.
كما أن عدد من أصحاب المشاريع أي رؤساء الجماعات الترابية يطلبون الإدلاء بعناصر في العرض التقني لا تكون لها صلة بتنفيذ الأشغال موضوع الصفقة كتاريخ إحداث الشركة أو المقاولة ويرفعون من نقطتها العددية بشكل يستهدف منها إقصاء بعض المتنافسين للسماح لمتنافس بالانفراد بالصفقة وبالتالي يكون عرضه ليس الأفضل  اقتصاديا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى