الكراء السياحي على المحك: قانون إسباني جديد يهدد استثمارات المغاربة

الرباط: إستثمار

في تطور تشريعي مثير للجدل، شرعت السلطات الإسبانية منذ 3 أبريل في تطبيق قانون جديد يُقيّد بشدة إمكانية كراء الإقامات الثانوية، مما أثار قلقًا متزايدًا في أوساط الجالية المغربية، لاسيما المستثمرين في سوق العقار السياحي، الذين وجدوا أنفسهم فجأة أمام عراقيل قانونية قد تُعيد رسم خريطة الاستثمار العقاري بالجارة الشمالية.

القانون الجديد يشترط الحصول على موافقة 60% من ملاك المجمع السكني قبل منح أي ترخيص للكراء السياحي، تحت ذريعة الحد من أزمة السكن المتفاقمة في المدن الإسبانية الكبرى، ومحاربة المضاربات العقارية التي رفعت أسعار الكراء إلى مستويات غير مسبوقة.

لكن من زاوية أخرى يبدو أن التشريع الجديد يتعامل بمنطق مزدوج، إذ يُشجّع الاستثمار الأجنبي من جهة، ويقيّده من جهة أخرى بضوابط بيروقراطية قد تصعّب على الكثيرين، خاصة من أفراد الجالية المغربية، تدبير أملاكهم أو تحقيق عائد مالي مستقر منها.

تأثير القانون قد يبدو محدودًا كما يرى بعض الخبراء، في المجمعات السكنية التي يغلب عليها الطابع السياحي، حيث يسهل الحصول على موافقة الأغلبية، لكن التحدي يبرز في الإقامات المختلطة أو تلك التي يقطنها متقاعدون ومواطنون دائمون، ممن يرفضون تحويل فضاءاتهم السكنية إلى نقاط ضجيج موسمي. هنا، يصبح تمرير الموافقات أقرب إلى مهمة مستحيلة، ما يجعل الاستثمار في هذه المناطق محفوفًا بالمخاطر القانونية والمجتمعية.

استباقًا لهذه القيود سارع عدد من المنعشين العقاريين خصوصًا في جزر الكناري ومناطق الجنوب، إلى الترويج لعقارات “مضمونة التراخيص”، كحل عملي يُغري الأجانب، بمن فيهم المغاربة، الباحثين عن استثمار خالٍ من التعقيدات.

لكن هذا “الحل” يأتي على حساب حرية المالك في التصرف بممتلكاته، ما يُثير تساؤلات حول مستقبل هذا النوع من العقار: هل هو استثمار حقيقي، أم عقد قانوني مقنّن بمكاسب محدودة وهامش مناورة شبه معدوم؟

ليست هذه أول مرة يُواجه فيها المغاربة، كواحدة من أكبر الجاليات الأجنبية المالكة للعقارات في إسبانيا، تقلبات القوانين العقارية.

غير أن السياق الحالي مختلف فالقانون يُحاكي حالة طوارئ سكنية في بلد يعاني من التفاوتات الطبقية وارتفاع تكاليف العيش، ويعيد رسم الحدود بين الحق في السكن والحق في الاستثمار.

القانون الإسباني الجديد لا يُغلق الباب كليًا أمام الاستثمار، لكنه يفرض قواعد لعبة جديدة أكثر تعقيدًا وأقل وُدًّا للمستثمرين الصغار أو ذوي الروابط العائلية والثقافية القوية بإسبانيا. وعلى الجالية المغربية أن تُعيد تقييم رهاناتها العقارية، في ظل واقع قانوني قد يُحوّل الشقة السياحية من أصل مدر للدخل، إلى عبء إداري طويل الأمد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى