
المنصوري تُعيد إحياء حلم “الكراء المتوسط” لإنقاذ الطبقة الوسطى من أزمة العقار

الرباط: ريم بنكرة
في خطوة تحمل أبعادًا اجتماعية واقتصادية، تتجه فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، لإعادة بعث مشروع سكني سبق أن طُرح خلال ولاية الوزير الأسبق محمد نبيل بنعبد الله، يتمثل في تطوير برنامج للإسكان الإيجاري بأسعار متوسطة، موجه بشكل خاص للفئات المتوسطة والشباب العاملين في المناطق الحضرية الكبرى.
الوزارة أطلقت مؤخرًا صفقة تقنية لإعداد الأرضية اللازمة لإطلاق هذا البرنامج الطموح، عبر دراسة متكاملة لتحليل سوق الإيجار في المغرب، وتحديد الاحتياجات الحقيقية، وبناء نموذج اقتصادي ومالي يمكن الدولة أو القطاع الخاص من توفير عرض سكني للكراء بأسعار أقل من السوق الحرة، خصوصًا في المدن التي تشهد ضغطًا عقاريًا متسارعًا مثل الدار البيضاء، الرباط، طنجة ومراكش.
البرنامج، رغم أنه لا يزال في مراحله التمهيدية، يفتح الباب أمام سؤال محوري: هل تعتزم الدولة العودة إلى لعب دور مباشر في بناء وإدارة وحدات سكنية موجهة للكراء، كما اقترح نبيل بنعبد الله سابقًا؟ أم أن الحكومة ستكتفي بإطار تشريعي وتحفيزي يشجع المستثمرين الخواص على الدخول في هذا المجال؟
الخياران يحملان رهانات مختلفة؛ فدخول الدولة كمستثمر مباشر يتطلب موارد ضخمة لكنه يضمن التحكم في الأسعار وجودة الخدمات، فيما يُبقي الخيار الثاني على منطق السوق مع دعم جزئي موجّه.
السكن الإيجاري المتوسط يُعد حلاً وسطًا في معادلة الإسكان المعقدة بالمغرب؛ لا هو بالملكية المكلفة، ولا هو بالإيجار الحر الذي أصبح بعيد المنال بالنسبة للكثير من الأسر. ومع تحول المدن الكبرى إلى مراكز جذب سكاني واقتصادي، تزداد الحاجة إلى حلول مبتكرة ومستدامة تُمكن شرائح واسعة من المواطنين من العيش بكرامة في قلب المجال الحضري.
وتراهن الوزارة على أن تُمكن هذه المبادرة من تخفيف الضغط العقاري، وتوفير بدائل عملية للامتلاك، خاصة في ظل تراجع قدرة الأسر المتوسطة على شراء السكن، وصعوبة الولوج إلى التمويل العقاري.
رغم أهمية الخطوة تبقى بعض الأسئلة العالقة: ما هو الدور الذي سيلعبه القطاع الخاص؟ وما هي الضمانات التي ستُقدم لتفادي تحويل البرنامج إلى سوق موازية مكلفة؟ وهل سينجح المشروع حيث فشلت مبادرات سابقة في بلورة سياسة سكنية عادلة وموجهة لغير القادرين على الشراء؟
الرهان اليوم ليس فقط على توفير سكن للكراء، بل على إعادة التوازن الاجتماعي إلى مجال عمراني بات يُقصي الطبقة الوسطى من مراكزه.





