هل تصمد حكومة أخنوش أمام زخم “جيل زيد” أم أن العاصفة ستهدأ كما 20 فبراير؟

الرباط: إستثمار

تعيش الساحة السياسية المغربية منذ أسابيع على إيقاع حراك جديد تقوده ما بات يُعرف بـ”حركة جيل زيد”، التي رفعت سقف مطالبها بشكل غير مسبوق إلى حدّ المطالبة برحيل الحكومة الحالية برئاسة عزيز أخنوش. هذا الحراك الرقمي الميداني، الذي انطلق من مواقع التواصل الاجتماعي وتمدّد إلى الشارع، يُعيد إلى الأذهان سيناريو سنة 2011 حين خرجت حركة 20 فبراير مطالبة بإصلاحات سياسية واجتماعية عميقة.

لكن السؤال المطروح اليوم هو: هل تتجه البلاد إلى تكرار المشهد ذاته، أم أن الدينامية الحالية ستعرف مساراً مختلفاً في ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الجديدة؟

من المؤكد أن السياقين مختلفان. فالمغرب بعد دستور 2011 ليس هو نفسه قبل عقد ونصف، إذ رسّخ إصلاحات مؤسساتية ودستورية عمّقت المشاركة السياسية ووسعت هامش الحريات. غير أن ما يوحّد اللحظتين هو الإحساس العام بضغط المعيشة وغلاء الأسعار وتراجع الثقة في النخب السياسية، وهي عناصر تغذي موجات السخط الاجتماعي.

في المقابل، تحاول حكومة أخنوش امتصاص الاحتقان بإجراءات ظرفية وتحركات تواصلية متسارعة، من خلال التأكيد على التزامها بالإصلاح الاجتماعي ودعم القدرة الشرائية، مع تجديد دعواتها للحوار. غير أن الشارع، بقيادة “جيل زيد”، يبدو أقل ثقة وأكثر تشككاً في الوعود الحكومية، ما يجعل الأزمة مفتوحة على أكثر من سيناريو.

وفي خضم هذا التوتر المتصاعد، تتجه الأنظار إلى الخطاب الملكي المرتقب خلال افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان يوم الجمعة المقبل، والذي يُنتظر أن يحمل رسائل حاسمة بشأن المرحلة المقبلة. فبحكم موقع المؤسسة الملكية كضامن للتوازن والاستقرار، يتوقع المراقبون أن يشكل الخطاب الملكي مناسبة لتقييم الأداء الحكومي وتحديد معالم الطريق للخروج من حالة الاحتقان، سواء بتسريع الإصلاحات الاجتماعية أو بإعادة ضبط إيقاع العلاقة بين الدولة والمجتمع.

فهل تستطيع حكومة أخنوش أن تصمد أمام ضغط الشارع وتعيد بناء الجسور مع فئات الشباب الغاضب؟ أم أن كلمة الملك ستكون الفيصل في إعادة ترتيب المشهد السياسي ووضع حد لحالة الشك التي تخيم على البلاد؟

الجواب، على ما يبدو، رهين بمدى قدرة الحكومة على الانتقال من التفاعل الخطابي إلى الفعل الملموس، ومن الحلول التقنية إلى الإصلاحات البنيوية العميقة التي تعيد الثقة بين الدولة والمجتمع، وتمنح الشباب دوراً فعلياً في رسم مستقبل البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى