الطماطم المغربية في مواجهة التفوق البرتغالي: جودة تتحدى الكمية في السوق الإسبانية

الرباط: إستثمار

رغم الارتفاع الملحوظ في صادرات المغرب من الطماطم نحو إسبانيا خلال سنة 2024، بنسبة بلغت 15% مقارنة بعام 2023، لم يتمكن المغرب من استعادة موقعه كأول مزود لهذا السوق الحيوي، بعدما خسر الصدارة لصالح البرتغال التي تواصل، رغم تراجع أدائها، تصدرها للائحة المورّدين.

فبحسب تقرير صادر عن منصة “Hortoinfo” المعتمدة على بيانات وكالة التجارة الخارجية الإسبانية، بلغ حجم صادرات المغرب نحو السوق الإسبانية ما يقارب 66.6 مليون كيلوغرام من الطماطم سنة 2024، مقابل 96 مليون كيلوغرام للبرتغال، التي كانت قد صدرت في السنة السابقة أزيد من 132 مليون كيلوغرام، أي بتراجع حاد قدره 27.5%.

لكنّ المفارقة المثيرة تكمن في البعد القيمي والاقتصادي للصادرات:
فبينما يعكس الحجم الكمي تفوقاً برتغالياً واضحاً، تسجل الطماطم المغربية أداءً أفضل على مستوى السعر المتوسط، حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد 13.80 درهماً، مقارنة بـ9.46 دراهم للطماطم البرتغالية. هذه الفجوة السعريّة توحي بجودة أعلى أو على الأقل بطلب نوعي خاص على المنتجات المغربية داخل السوق الإسبانية.

هذا التباين بين الكمية والجودة يسلّط الضوء على إشكالية النموذج التصديري المغربي، الذي لا يزال رهيناً لمعادلة غير متوازنة: إما التركيز على الأسواق التي تضمن هوامش ربح مرتفعة، أو مضاعفة الإنتاج من أجل استعادة الصدارة العددية.

في المقابل، تبدو البرتغال، رغم التراجع، قادرة على الحفاظ على حضور قوي بفضل شبكة توزيع مهيكلة، وشراكات ثنائية مستقرة مع كبريات السلاسل التجارية في إسبانيا.

ما يميز التجربة البرتغالية هو القدرة على التفاوض داخل الفضاء الأوروبي الموحد، مع ما يعنيه ذلك من تسهيلات جمركية وتكامل مؤسساتي. في حين يواجه المغرب، كبلد من خارج الاتحاد الأوروبي، تحديات إضافية تتعلق بالمعايير، والتكاليف اللوجستية، وسلاسل التوزيع. ومع ذلك، فإن تسجيل منتج مغربي متوسط سعر يفوق نظيره الأوروبي، يُعد مؤشراً قوياً على مكانة الطماطم المغربية كمنتج تنافسي عالي الجودة، يستحق تثميناً أكبر.

تدعو هذه المعطيات إلى إعادة النظر في الاستراتيجيات الفلاحية المغربية المرتبطة بالتصدير، خصوصاً في ظل التحولات المناخية وندرة المياه، وهو ما يفرض توجهاً نحو التثمين، عوض التوسيع الكمي غير المستدام. كما يجب التفكير في مخططات لوجستية وتجارية أكثر نجاعة، تدعم مكانة المغرب ليس فقط كمصدر للطماطم، بل كفاعل نوعي في سلاسل الإنتاج الغذائي على مستوى القارة الأوروبية.

صحيح أن المغرب لم يستعد بعد صدارته من حيث الكمية، لكن ما تمنحه له الجودة والسعر من موقع متقدم، يظل نقطة ارتكاز قوية نحو تطوير نموذج تصدير أكثر ذكاء واستدامة. والمطلوب اليوم ليس مجرد رفع الأرقام، بل استثمار الذكاء التجاري والفلاحي لتعزيز السيادة التصديرية في أسواق أوروبا ذات المنافسة العالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى