الخميسات… “الإقليم المنسي” بين وعود التنمية وواقع الفوارق المجالية داخل جهة الرباط-سلا-القنيطرة

الرباط: إدريس بنمسعود

رغم انتماء إقليم الخميسات إلى واحدة من أغنى الجهات وأكثرها دينامية في المغرب، وهي جهة الرباط-سلا-القنيطرة، إلا أن وضعه التنموي لا يزال يثير الكثير من الأسئلة. فبينما تحقق مدن الجهة الكبرى—كالرباط وسلا والقنيطرة وتمارة—قفزات نوعية في البنيات التحتية، والخدمات، وجاذبية الاستثمار، يظل إقليم الخميسات يشكل الحلقة الأضعف، متخلفًا على مستويات العمران والصحة والتعليم والبنية الطرقية، في غياب رؤية مجالية عادلة تُقَلّص هذا الفارق الصارخ.

في هذا السياق، تبدو العديد من الجماعات الترابية بالإقليم وكأنها تخوض معركة تنموية بمفردها، معتمدة على إمكانات ذاتية محدودة بدل دعم جهوي قوي كان ينبغي أن يضمن الحد الأدنى من التوازن. ويُذكر على سبيل المثال جماعة تيفلت وبعض الجماعات القروية التي تحاول رسم مسارات للإقلاع التنموي بوسائل بسيطة، في ظل تأخر واضح في برمجة استثمارات مهيكلة على مستوى الإقليم ككل.

وعلى هذا الخلفية المتأزمة، عقد المجلس الجماعي لمدينة الخميسات دورة استثنائية يوم الثلاثاء 2 دجنبر 2025، طبقًا لمقتضيات القانون التنظيمي 113.14. دورة وُصفت بالمهمة لكونها تتعلق باتفاقية الشراكة للتنمية الحضرية 2026–2028، وهي وثيقة يُفترض أن تشكل رافعة أساسية لتقليص جزء من الهوة التنموية التي تفصل الخميسات عن باقي مدن الجهة.

افتُتحت الجلسة بكلمة للرئيس حسن ميسور، شدّد فيها على ضرورة مواكبة “الدينامية التنموية” التي تعرفها المدينة. غير أن السؤال الذي يفرض نفسه: هل تلك الدينامية حقيقية وملموسة؟ أم أنها مجرد اجتهادات متفرقة في غياب رؤية جهوية شاملة تضع الخميسات في صلب أولوياتها كما هو حال الرباط وسلا والقنيطرة؟

عرض كاتب المجلس، فؤاد لعتريس، مخرجات الدورة السابقة، ليُفتح النقاش بعدها حول النقطة المحورية: اتفاقية الشراكة للتنمية الحضرية. الاتفاقية—حسب ما عُرض من خطوطها العريضة—تروم تعزيز البنيات التحتية، وتحسين الخدمات، ودعم الاستثمارات. لكن التجارب السابقة تجعل المتتبعين يتساءلون:

هل ستظل هذه البرامج حبيسة الوثائق، أم ستترجم إلى مشاريع فعلية تُغيّر ملامح مدينة ظلت لعقود ضحية التأجيل والتهميش؟

النقطة الثانية همّت التحويلات المالية بهدف ملاءمة الاعتمادات مع المستجدات، وتمت المصادقة عليها بالإجماع. إجماع سياسي إيجابي، لكنه أيضًا يكشف أن الرهانات التنموية الكبرى قد لا تكفي فيها مجرد التحويلات، بل تستلزم تعبئة موارد إضافية من الجهة والدولة لرفع العجز التنموي التاريخي للإقليم.

ورغم الروح التوافقية التي ميزت الدورة، فإن المقاربة النقدية تفرض التساؤل: هل يكفي اجتماع أو اتفاقية محدودة لرفع إقليم بكامله من موقع “الإقليم المنسي” إلى مستوى الجهة التي ينتمي إليها؟ وهل تتجه الجهة فعلاً لتصحيح الاختلالات، أم أن الخميسات سيظل خارج رادار المشاريع الكبرى؟

إلى ذلك تبقى مدينة الخميسات لا تحتاج إلى دورات استثنائية فقط، بل إلى إرادة جهوية استثنائية تعيد التوازن المجالي وتحقق عدالة تنموية غائبة منذ سنوات طويلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى