
قفزة غير مسبوقة تقودها دينامية “صندوق محمد السادس للاستثمار”
الرباط: إستثمار
يشهد قطاع الاستثمار في رأس المال بالمغرب تحوّلاً نوعيًا خلال هذا العام، مدفوعًا بدفعة قوية من الصندوق السيادي “محمد السادس للاستثمار”، الذي بدأ في تفعيل أولى أدواته القطاعية، واضعًا البلاد على مسار تصاعدي غير مسبوق في تاريخها الاقتصادي الحديث.
وحسب تصريحات حسن لعزيري، رئيس الجمعية المغربية للمستثمرين في رأس المال، يُتوقع أن يسجل حجم الاستثمارات ارتفاعًا قياسيًا بنسبة 112% مقارنة بسنة 2024، ليبلغ 3.6 مليار درهم، أي ما يعادل نحو 400 مليون دولار، وهو أعلى مستوى يتم تحقيقه على الإطلاق في المغرب.
تأسس “صندوق محمد السادس للاستثمار” سنة 2021 كمبادرة استراتيجية لإنعاش الاقتصاد الوطني بعد تداعيات الجائحة، بمساهمة أولية من الدولة بلغت 15 مليار درهم، ويهدف إلى تعبئة ما مجموعه 150 مليار درهم على المدى الطويل من خلال إنشاء صناديق قطاعية متخصصة، تُدار من طرف شركات استثمارية متمرسة تسعى لاستقطاب تمويلات من الأسواق المحلية والدولية بقيمة تصل إلى ملياري دولار في غضون خمس سنوات.
أداء متسارع رغم تحديات الظرفية
ورغم أن استثمارات رأس المال الخاص تراجعت خلال العام الماضي إلى 1.7 مليار درهم (بانخفاض 34% عن ذروة العام الذي سبقه)، فإن المؤشرات الجديدة تُظهر بوادر انتعاش قوي يعكس تحسن مناخ الأعمال، وعودة الثقة لدى المستثمرين المحليين والأجانب.
فيما يخص عمليات التخارج، سجلت السنة الماضية تنفيذ 11 عملية بيع بقيمة إجمالية فاقت مليار درهم، بنسبة نمو بلغت 5.4%. وقد تم تنفيذ معظم هذه العمليات في السوق الثانوية، بينما مثّل الإدراج في البورصة خيارًا بديلًا لبعض المستثمرين.
أرقام في تصاعد وقطاعات واعدة
تضم الجمعية المغربية للمستثمرين في رأس المال حاليًا 25 شركة تدير 48 صندوقًا استثماريًا، نجحت في تعبئة 3.8 مليار درهم خلال 2024 عبر سبعة صناديق، بزيادة سنوية قدرها 28%. وتشير التقديرات إلى إمكانية مضاعفة هذا الرقم ليبلغ 7.8 مليار درهم هذا العام، بدعم من دخول رؤوس أموال جديدة إلى السوق.
وحقق المستثمرون في هذا المجال معدل عائد سنوي بلغ 12% على مدى 24 سنة، من خلال 115 عملية تخارج، تصدّرها قطاع الصحة بنسبة عائد وصلت إلى 23%، تلاه قطاع الخدمات (15%) ثم قطاع البناء (14%).
ضرائب تعيق الطموح
ورغم الزخم الإيجابي الذي يرافق انطلاقة المرحلة الجديدة من الاستثمار في رأس المال، أشار لعزيري إلى وجود عراقيل هيكلية، أبرزها فرض ضريبة القيمة المضافة على الصناديق الاستثمارية، وهو أمر نادر في الأسواق العالمية، ويحد من تنافسية المغرب كمركز مالي إقليمي.
وخلال السنوات الخمس الماضية تمكنت شركات الاستثمار من تعبئة حوالي 15 مليار درهم، مع توقعات ببلوغ 20 مليار درهم خلال العامين المقبلين، في ظل استقرار بيئة الأعمال، الأداء الجيد للبورصة المغربية، وضمان حرية تحويل الأموال نحو الخارج، وهي كلها عناصر تجعل من المغرب وجهة واعدة للاستثمار الجريء في إفريقيا.